هاجر أحداد تكتب نظام التفاهة للكاتب آلان دونو
بقلم هاجر أحداد
كتاب نظام التفاهة هو كتاب صدر باللغة الفرنسية تحت عنوان: La médiocratie حيث يعرض فكرة مفادها أننا نعيش فترة مختلفة عن فترات التاريخ البشري، حيث أن السلطة بعيدة عن يد من يستطيع التميز في القيادة، ومبسوطة في يد التافهين باختلاف درجاتهم ومستوياتهم.
أكد أيضا المؤلف على أهمية الكفاءة العالية في الحياة العملية و أوضح قيمتها بشدة حيث أدلى على أنه لا يمكن تسويتها بالقيمة المادية و هذا يظهر من خلال نقده الذريع الذي وجهه للرأسمالية. إضافة إلى أنه قد سلط الضوء على مسألة نعيشها عامة و الطلاب تحديدا...فالجامعات اليوم أضحت تساهم بشكل كبير في إنتاج عقول مسطحة لا تعرف معنى النقد إطلاقا، ما تعرفه سوى معارف و معلومات دقيقة تتماشى مع مجال مجال تخصصها لا غير و هذا يظهر من خلال تركيز هذه المؤسسات على إمداد و تزويد طلابها و خريجيها بمعارف دقيقة جدا تتناسب مع ما يتطلبه سوق الشغل. هنا يظهر فرق شاسع بين خبير متشبع بمعارفه الدقيقة( يندرج ضمن ذوي الخبرات و الكفاءات المحدودة و المتوسطة) و بين شخص قادر على التوفيق و خلق توازن بين معارفه الدقيقة و ثقافته التي دائما ما يسعى إلى تطويرها و إعادة هيكلتها (و هنا نحن بصدد أشخاص تتوفر فيهم الخبرات و الكفاءات العالية) الأمر الذي نجده سائدا بشدة في واقعنا الحالي خصوصا في ميدان سوق الشغل حيث نجد خبراء، عمال يتقنون مهامهم و أدوارهم لكن عملهم كروبوتات، تكرر..تنتج...تتقاضى، يجعلهم ذلك يفقدون حس الحيوية و المتعة ليجدوا من أنفسهم قد أصبحوا أسيري دوامات يملؤها الروتين...ليصبح بذلك العمل تحكمه قيمة مالية لا إبداعية.
ناهيك عن جانب اللعبة التي أشار إليها المؤلف و التي تمارس تقريبا في مختلف الميادين سواءا أكان في التعليم، الإقتصاد، السياسة......اللعبة التي يعتبر متقنوها حسب الكاتب حاكموا العالم ألا و هي اعتماد و التهافت على الطرق المرنة و السريعة للحصول على ترقيات و حصانات تعلي من شأن الفرد و إن لم تتوفر فيه الخبرة الكافية و الكفاءة العالية. لتجد بذلك أن هذه اللعبة هي الطاغية و المسيطرة و أنك بدورك محتم عليك و مضطر لاتباعها و التقيد بها لتحصيل و تحقيق أهدافك و غاياتك و ان تضارب ذلك مع مبادئك و قيمك الأخلاقية.
لنصبح بذلك في عالم مفتقر لذوي الخبرات و الكفاءات العالية و تعاملاتنا فقط مع ذوي الخبرات المحدودة و المتوسطة.
سعى المؤلف آلان دونو إجمالا لعرض العديد من المشاكل و العلل الإجتماعية المحضة التي وجب أخذها بعين الإعتبار و محاولة الوعي بمدى خطورتها على الناشئة الصاعدة تحديدا.
كانت ستكون للكتاب قيمة و لذة من نوع آخر لو ان المؤلف آلان شاطرنا ببعض من الحلول للحد و لو بشكل ضئيل من فداحة هذه العلل.
0 التعليقات :
إرسال تعليق