جسور البيضاء تتدارس سيميائية الصورة الإشهارية لبنكراد
كان لأعضاء جسور القراءة أمس الأحد، بمدينة الدار البيضاء مع موعد جديد لمناقشة كتاب "سيميائيات الصورة الإشهارية - الإشهار والتمثلات الثقافية" للكاتب سعيد بنكراد الذي خطه على سبعة فصول أساسية، ويعتبر الكاتب المغربي بنكراد من أبرز السيميائيين في الساحة العربية، وذلك لقدرته المميزة على تناول المواضيع بالنقد والتأويل وكذلك في التحليل، ودراسته دراسة بحثية معمقة، وذلك لسبر أغوار الذات الإنسانية اختراق مكنوناتها في علاقته بالصورة الاشهارية وتمثلاته الثقافية.
هكذا يحاول بنكراد في هذا الكتاب موضوع نقاش جسور أمس، إبراز أهمية السميائيات في كشف خبايا الصورة الإشهارية ودلالتها، وهذا ما نستشفه انطلاقا من الفصول الثلاثة الأولى والتي تعد تبيان لأهم السبل والآليات التي تمكننا من قراءة الصورة الإشهارية ومقاربتها، وذلك انطلاقا من نماذج مستمدة من واقعنا المغربي .
يؤكد سعيد بنكراد أن الفرد يخضع بصورة قبلية وغير مرئية وغير مفهومة عقليا لبرمجة تمكن الفرد من التصرف بطريقة تتوافق مع وضعية ما، وبأن مصمم الوصلات الإشهارية لا يقف عند حدود الحاجات الاستهلاكية المباشرة بل يبحث في اللاشعور الجماعي عن الرغبات المسكوت عنها، مشيرا إلى أن الترويج لسلع الاستهلاك، هو فعل ثقافي أولا، أي أن الأمر يتعلق بالبحث عن الدوافع التي تؤطر السلوك الفردي و تحدد له مراميه وتوجهاته الخفية و المعلنة، أو ما سماه بنكراد باللاشعور الثقافي.
إن الإشهار يمتلك أسراره و آلياته الخاصة لاستدراج الفرد المستهلك لفعل الشراء، و هذا ما يسمى بالإقناع السري الذي يبحث في النفس الإنسانية عن السبل المؤدية إلى تعطيل أدوات المراقبة لتحرير الفعل من قيوده، و الدفع بالفرد إلى عالم الاستهلاك متحررا من كل الضغوط التي تفرضها المراقبة العقلية، كل هذا من أجل تحقيق السيطرة على اللاشعور لتوجيه و تنميط سلوك الفرد.
هكذا يسعى الكاتب إلى إبراز الازدواجية التي يتمتع بها الإشهار، والمتمثلة في محاولة التوفيق بين المتعي والنفعي وانعكاسها على بناء وجدان مستهلك تتجاذبه كل الأهواء، وتسعى هذه الدراسة من جهة سميائية للكشف عن آليات واسرار التدليل باعتباره الوسيلة الغير مرئية للتسلل إلى اللاشعور، فالقراءة السميائية هنا ستولي الاهتمام للتأويل، فالمعنى لا يمكن أن يكون إلا إذا كان متواريا ومستعصيا على الضبط والإمساك، وكلما توارى واحتجب كانت المطاردة قوية وكانت رحلة البحث عنه ممتعة.
وعلى سبيل المثال يستخدم الجسد خاصة جسد المرأة، من أجل توجيه العين و الوجدان، فالجسد هنا بالنسبة لبنكراد ليس جسدا بالمعنى الحقيقي للكلمة وإنما هو موضوع إيروسي على تعبير جون بودريار، ليس ذلك الجسد الذي نصادفه في الشارع ولا حتى ذلك الذي نداعبه في السرير، إنه جسد نزعت عنه كل المناطق النفعية ليصبح دالا على وظيفة واحدة هي الوظيفة الإيروسية، أي منتجا للإستهامات أو مثيرا للرغبات، و هذا ما سيبرزه بشكل جلي سعيد بنكراد في الفصل الثالث من هذا الكتاب و الذي عنونه بنسائهم و نساؤنا. فيتم التركيز على الجمال و الإغراء في جسد المرأة بينما يركز الإشهار في النموذج الذكوري على المظهر الرياضي واللياقة البدنية.
هكذا يحاول بنكراد في هذا الكتاب إبراز أهمية السميائيات في كشف خبايا الصورة الإشهارية ودلالتها، وهذا ما نستشفه انطلاقا من الفصول الثلاثة الأولى والتي سنقتصر عليها في تلخيصنا هذا باعتبارها تبيان لأهم السبل و الآليات التي تمكننا من قراءة الصورة الإشهارية ومقاربتها، وذلك انطلاقا من نماذج مستمدة من واقعنا المغربي .
0 التعليقات :
إرسال تعليق